روائع مختارة | قطوف إيمانية | نور من السنة | من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه.. فهو ردّ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > نور من السنة > من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه.. فهو ردّ


  من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه.. فهو ردّ
     عدد مرات المشاهدة: 3151        عدد مرات الإرسال: 0

العبادة هي الغاية من وجود الإنسان في هذه الحياة , وهي التي من أجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب , {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} . (الذاريات 56) .

والله عز وجل كما أنه لم يخلق هذا الإنسان عبثا بل خلقه لغاية محددة , ووظيفة عظيمة.

فكذلك لم يتركه هملا لا يعرف كيف يؤدي هذه الوظيفة التي من أجلها خُلِق , فخلقه وعلمه , ودله على الطريق الموصلة إليه سبحانه , وجعلها طريقا واحدة , دليلها الكتاب.

وبابها الرسول , فمن أراد سلوك الطريق من غير دليل تاه , ومن أراد الولوج من غير باب الرسالة وبدون مفتاح النبوة فقد ضل سواء السبيل.

فبين سبحانه للناس على ألسنة رسله كيف يعبدوه ويوحدوه , وحدد لهم مجالات هذه العبادة وضوابطها , فلا يعبد إلا الله وحده , ولا يعبد كذلك إلا بما شرعه من الدين.

وجاءت النصوص الكثيرة في الكتاب والسنة تحث على الاعتصام بالوحي واتباعه , وتحذر من اتباع غيره من الأهواء والضلالات قال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} (الأنعام 153).

وحذر سبحانه من مخالفة أمر رسوله وسنته وشريعته فقال عز وجل:  {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} (النور 63) .

من أجل ذلك كان أحد الأحاديث الجامعة التي وضحت هذا المعنى , ووضعت القواعد والضوابط لهذه القضية , حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت:  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري ومسلم , وفي رواية لمسلم:  (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) .

فهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام , وهو مكمِّل ومتمِّم لحديث إنما الأعمال بالنيات , ويدخل في هذين الحديثين الدين كله، أصوله وفروعه، ظاهره وباطنه , فحديث عمر ميزان للأعمال الباطنة.

وحديث عائشة ميزان للأعمال الظاهرة , ففيهما الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول , اللذان هما شرط لقبول كل قول وعمل، ظاهر وباطن , فمن أخلص أعماله لله , متبعاً في ذلك رسول الله , فعمله مقبول , ومن فقد الأمرين أو أحدهما فعمله مردود عليه.

وقد جمع الله بين هذين الشرطين في قوله جل وعلا:  {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} (الكهف 110).

وقد دل الحديث على أن كل عمل ليس عليه أمر الشارع فهو مردود على صاحبه , وفي قوله صلى الله عليه وسلم:  (ليس عليه أمرنا) إشارة إلى أن أعمال العباد كلَّها ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة , فتكون الشريعة حاكمةً عليها بأمرها ونهيها , فمن كان عمله جاريا تحت أحكام الشريعة موافقا لها فهو المقبول , ومن كان عمله خارجا عنها فهو المردود.

ولخطورة الابتداع في الدين والإحداث فيه , جاء ذم البدع والنهي عنها , والتنفير من أهلها , فالبدع في الحقيقة مضادة للشريعة.

مراغمة لها , والمبتدع ببدعتة قد نصب نفسه منصب المستدرك على الشرع بزيادة أو نقصان , فلم يكتف بما شُرِع له , وهو بلسان حاله , يتهم الرسول ?صلى الله عليه وسلم بالتقصير في أداء الأمانة والرسالة.

فإن نبينا عليه الصلاة والسلام لم يترك خيرا إلا دلنا عليه , ولا شرا إلا حذرنا منه , ولذلك قال الإمام مالك رحمه الله:  " من أحدث في هذه الأمة شيئا لم يكن عليه سلفها , فقد زعم أن محمدا خان الرسالة.

لأن الله يقول:  {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} (المائدة 3) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا "، ولا يخفى ما جرته البدع على الأمة قديما وحديثا من الفتن والويلات , والتفرق والاختلاف في الدين.

والبدعة هي كل ما يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه دينا يُعبد الله به ويتقرب إليه , من اعتقاد أو قول أو عمل , وهي تشمل العبادات والمعاملات , والفعل والترك , فكما تكون بفعل غير المشروع.

تكون أيضا بترك ما هو مشروع ومباح , إذا تركه الإنسان بقصد القربة والتدين , ولذلك لما جاء ثلاثة نفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته , , فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها.

فقالوا:  وأين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر , فقال أحدهم:  أما أنا فإني أصلي الليل أبدا , وقال الآخر:  وأنا أصوم الدهر ولا أفطر , وقال الثالث:  وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا.

فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:  (أنتم الذين قلتم كذا وكذا , أما والله أني لأخشاكم لله وأتقاكم له , لكني أصوم وأفطر , وأصلي وأرقد , وأتزوج النساء , فمن رغب عن سنتي فليس مني) أخرجاه في الصحيحين.

والبدع جميعُها تشترك في وصف الضلالة , فليس فيها ما هو حسن وما ليس بحسن , فقد جاء في الصحيح من حديث العرباض بن ساريةرضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) زاد النسائي (وكل ضلالة في النار). إلا أنها ليست على رتبة واحدة في الضلال , فمنها البدع الكبيرة والصغيرة والمكفرة وغير المكفرة.

فهذا الحديث على قلة ألفاظه حوى من المعاني والمسائل الشيء الكثير , فقد بين الضابط العام والقاعدة الكلية التي توزن بها الأعمال , وعلى ضوئها يحكم بمشروعيتها أو عدمها.

ومن خلاله يتبين أن مقتضى العبادة التي خُلِق لها الإنسان , أن يجعل المسلم أقواله وأفعاله وسلوكه وتصرفاته وفق المناهج التي جاءت بها الشريعة , وأن يفعل ذلك طاعة واستسلاما وانقيادا لأمر الخالق جل وعلا.

وشعاره في ذلك ما أخبر الله به عن المؤمنين المفلحين في قوله:  {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون}.

المصدر: موقع إسلام ويب